أشكال الغـناء العربى
الغرض من هذا البحث هو دراسة إمكانية استخدام التصنيف الموسيقى كمدخل لتقييم الأعمال الفنية
درج النقاد على تصنيف أشكال الغناء العربى فى قوالب ذات تسميات خاصة لكل منها أسلوب فى التلحين والأداء ولكن أساس التصنيف كان فى الغالب طريقة كتابة النص ولذلك نسميه بالتصنيف النصى ، وهناك تصنيف آخر نسميه بالتصنيف الموسيقى
التصنيف النصى
حسب طريقة النص
1- التصنيف النصى الشكلى
حسب شكل النص
القصيدة - الموشح - الدور - الطقطوقة - الأغنية - المونولوج - الديالوج - الأوبريت - الاستعراض
2- التصنيف النصى الموضوعى
حسب موضوع النص
دينى: التوشيح - الابتهال - الترنيم
عاطفى - وطنى - فكاهى - شعبى - اجتماعى ، وهكذا
التصنيف الموسيقى:
حسب طريقة التلحين
النشيد - الأنشودة - الموال - القد
من هذه الصورة ، ودون الدخول فى تفاصيل هذه الأشكال ، يتضح ضعف التصنيف الموسيقى نسبة إلى التصنيف النصى
ولما كان التصنيف حسب النص ، شكلا أو موضوعا ، لا يمكن أن يكون قاعدة فنية تصلح للمقارنة والتقييم يجب البحث فى تقوية التصنيف الموسيقى وتوسيع قاعدته بحيث يمكن استخدامه كأداة للتقييم
تصنيف الأشكال الموسيقية
فى أشكال الموسيقى البحتة لا تظهر هذه المشكلة لعدم وجود نص أصلا ، وهناك أشكال معروفة للتأليف الموسيقى
وفى الموسيقى الشرقية نجد قوالب معينة مثل السماعى ، البشرف ، اللونجا ، التحميلة ، المقدمة
هذه الأسماء تركية الأصل واستخدمت فى الموسيقى العربية كما هى مضافا إليها فى العمل الفنى اسمين لتمييزه عن غيره ، هما اسم المقام الموسيقى ، واسم المؤلف
مثلا سماعى بياتى لإبراهيم العريان ، هناك ثلاث مقاطع واضحة فى الاسم
وهذا الأسلوب فى التصنيف يتماشى مع تصنيفات الموسيقى العالمية
مثلا السيمفونية رقم 94 لهايدن ، أو الكونشرتو الأول للبيانو لبيتهوفن ، أو سوناتا الكمان مقام كذا للمؤلف الفلانى وهكذا ، مع العلم بأن هذه مدلولات هذه الاصطلاحات معروفة لدى الجميع مسبقا
تقادم نظم التصنيف
ويجدر ملاحظة أنه حتى فى حال التصنيف الموسيقى للأشكال الغنائية أو الأشكال الموسيقية فإن هذه التقسيمات كلها قديمة ولم تعد تستخدم ، وبالتالى فالاعتماد عليها فى الوقت الحاضر غير واقعى
ومما زاد الطين بلة فى الأشكال الموسيقية أن الموسيقار محمد عبد الوهاب قد ألغى من البداية استخدام أى قالب موسيقى معروف سلفا وفتح الباب لحرية التأليف بلا قالب ، ثم قلده من بعده فأصبحت المقطوعات الموسيقية تعزف فى أشكال لا نهائية لا يجمعها أى شيء يمكن أن يستخدم فى المقارنة
أما فى الأشكال الغنائية أهمل عبد الوهاب الأشكال التقليدية مبكرا ، فقد لحن خمسة أدوار فى ستة أعوام فى بداية حياته الفنية وموشحين اثنين فى نفس الفترة ، كذلك لم يهتم بالمسرح الغنائى وبدأ مع ظهور السينما يتجه بكل قوته إلى الأغنية الفردية
وإن كان محمد عبد الوهاب قد أكثر من الموال من القوالب القديمة فهذه جملة اعتراضية حيث أن الموال تصنيف موسيقى أى غير نصى ، بالإضافة إلى أنه أحب غناء الموال لسببين ، الأول لأنه كان يعتبر نفسه مطربا قبل أن يكون ملحنا وفى الموال مساحات كبيرة للمطرب يصول فيها ويجول ، والثانى أن يعلم مدى شعبية الموال وحب الجمهور له وكان عينه على الجمهور دائما
أما سيد درويش فقد لحن عشرة أدوار ، و 12 موشحا ثم انطلق فى الأوبريت ليقدم من خلاله معظم أشكال الغناء المعروفة ، ورغم أنه استخدم الحوار المسرحى وأضاف الغناء الجماعى وأثراهما بقوة التعبير الموسيقى فجعل الموسيقى جزءا من الدراما الكلية بل أهم عنصر فيها ، لكن نظرا لاحتواء الأوبريتات هلى أشكال فنية تعتمد أصلا على التصنيف النصى لا يمكن النظر إليها كعمل موسيقى مستقل بذاته
مع بقية رواد العصر الحديث كمحمد القصبجى و زكربا أحمد والسنباطى انتهى عصر الدور على يد زكريا أحمد ملحن آخر دور فى الموسيقى العربية عام 1938 ، ولم يلحن منه السنباطى الذى اكتفى بقالبين تقريبا هما الأغنية والقصيدة ، أما القصبجى فاهتم بالمونولوج والأغنية ، وكلها تصنيفات نصية لا تصلح كأساس للتقييم الموسيقى السليم
الخـــلاصة
نخلص من هذا القول إلى أن:
1- الموسيقى العربية باتت لا تستخدم القوالب القديمة سواء الغنائية أو الموسيقية
2- ولا تسير على نهج واضح جديد
3- لذا وجب البحث عن نظام بديل عصرى وقوى يحدد ما يقدم من أعمال ويضعها فى إطارها الصحيح ، وحتى يجرى تقييمها بسولة ويسر
البقية فى المقال القادم
استعراض المحاولات الجارية لإرساء نظام تصنيف جديد